أميركا تهدّد: بناء الأبراج أو وقف دعم الجيش

عاجل

الفئة

shadow


إبراهيم الأمين - الأخبار

على هامش الاتصالات الجارية مع الموفدين الدوليين في شأن مستقبل الترتيبات التي تريدها إسرائيل في جنوب لبنان، برز نقاش خاص حول الدور الذي تنتظره الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من الجيش اللبناني، إذ يبدو أن هذه العواصم تقترب من أن تشترط لمواصلة مساعدة الجيش، أن يقوم بدور كبير في مواجهة المقاومة جنوباً، عبر إقناعه ببناء أبراج حدودية على طول الخط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة.

تصوّر أميركا لدور الجيش
اطّلعت «الأخبار» على وثيقة دبلوماسية، أعدّها دبلوماسي عربي لحكومة بلاده، بعدما التقى مسؤولين في مجلس الأمن القومي الأميركي قبل وقت قصير، تضمّنت مسائل تتعلق بالحرب على غزة، بما فيها ما يتصل بالجبهة اللبنانية. وتوقّف الدبلوماسي في تقريره عند ما تريده الولايات المتحدة من الجيش اللبناني في الفترة المقبلة ربطاً بزيادة دعم الأميركيين وحلفائهم له.
ونقل الدبلوماسي في تقريره عن المسؤولين الأميركيين، أنه «لا يجب التطلع إلى زيادة التمويل الأميركي في المرحلة المقبلة، من خلال برنامج التمويل العسكري الخارجي فقط، بل يجب التعويل على البرنامج الرقم 1226 الذي يُعنى بأمن الحدود، من خلال العمل على توسيع البرنامج من الحدود اللبنانية – السورية إلى الحدود اللبنانية الجنوبية»، في إشارة إلى المشروع البريطاني (الأميركي) حول إقامة أبراج على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. وأضاف: «يقول الأميركيون إنه ينبغي العمل مع لجنة المُخصّصات في مجلس الشيوخ لتعزيز الدعم من جانب الكونغرس، وتأمين التغطية القانونية له من قبل الكونغرس أيضاً، لأن الولايات المتحدة لن تنظّم أي مؤتمر واسع لدعم الجيش اللبناني». ونقل عن مسؤول أميركي أن بلاده «تفضّل العمل على مستويات ثنائية مع الدول الراغبة بدعم الجيش، وكذلك قوى الأمن الداخلي لتخفيف العبء عن الجيش، أكثر مما ترغب في تنسيق جهود جماعية عامة. والولايات المتحدة ليست في صدد تجديد برنامج دعم سبل العيش للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية Livelihood support، وتتطلع إلى احتمال قيام دول أخرى بتمويله، وربما تقوم دولة قطر بذلك».
وحسب الوثيقة، قال أعضاء مجلس الأمن القومي صراحة إن «الجهات المانحة تراقب جدية الحكومة اللبنانية في دعم الجيش اللبناني وتفويضه بدور سياسي خاص بأمن الحدود الجنوبية، وأي مساعدات مُستقبلية للجيش سترتبط بتحقيق الاتفاق الذي يسعى الموفد الخاص عاموس هوكشتين للتوسط من أجل تحقيقه بين لبنان وإسرائيل، ويجب أن يكون الجيش اللبناني القوة العسكرية الوحيدة التي تتولى أمن الحدود». ونقلت الوثيقة أن نقاشاً دار حول هذه النقطة، وقيل للمسؤولين الأميركيين إنه يجب «التدقيق في ما ستكون عليه ردة فعل إسرائيل في حال بناء أبراج مُراقبة على الحدود الجنوبية، وإن لبنان دولة ذات سيادة، ولن يقبل بأن تتدخل إسرائيل في مهام الجيش اللبناني لحماية الحدود الوطنية اللبنانية طالما أن العلم اللبناني سيُرفع على الأبراج، هذا في حال وافقت الحكومة اللبنانية على إقامة هذه الأبراج».
إزاء هذا النوع من الأسئلة، تشير الوثيقة إلى أن المسؤولين الأميركيين ردّوا بأنه «يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد لدى لبنان قوة دفاع جوي، وهناك فرق كبير في القوة العسكرية بين لبنان وإسرائيل. علماً أن الجميع يعرف أنه يعود إلى الحكومة اللبنانية فقط تقرير كيفية وضع وتوزيع الموازنة العائدة للجيش وقوى الأمن الداخلي ومُناقشة آليات الدعم مع الدول الراغبة، بما في ذلك مطالبة دول خليجية بتأمين الوقود للجيش اللبناني، خصوصاً بعد حذف بند التمويل عند تجديد ولاية اليونيفل العام الماضي، ومن المُستحسن أن يطالب لبنان بإعادة هذا البند لدى التجديد لليونيفل الصيف المُقبل». لكنّ المسؤولين الأميركيين لفتوا الدبلوماسي العربي إلى أنه «يجب أخذ الأزمة الأوكرانية وتعب الدول المانحة في الاعتبار عند تقديم أي برنامج وطلب تمويله». وتنقل الوثيقة عن المسؤولين الأميركيين قولهم: «ربما تقدّم بعض الدول الأوروبية الدعم للجيش، لكن الولايات المتحدة تبقى الداعم الأول له، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار في العلاقات الثنائية بين الدولتين. ويُستحسن عدم مقاربة الدول الخليجية من ناحية طلب التمويل المجرد، لأن هناك حاجة إلى العمل مع هذه الدول، خصوصاً المملكة العربية السعودية، لإعادة بناء علاقات جيدة مع لبنان».

فرنسا: الخطة تنتظر غزة
كما اطّلعت «الأخبار» أيضاً على وثيقة دبلوماسية أخرى أعدّها الدبلوماسي العربي نفسه بعد لقائه دبلوماسياً فرنسياً بارزاً في العاصمة الأميركية. وتشير الوثيقة إلى أن الأخير قال إن بلاده «ستبقى داعمة للجيش اللبناني من خلال تنظيم المؤتمرات ومشاركتها الدبلوماسية الفعّالة لتشجيع الشركاء على تقديم أي دعم يحتاج إليه الجيش عند تحقيق أي اتفاق لبناني - إسرائيلي على وقف إطلاق النار في الجنوب».
وأضاف أن الجهود كافة تنتظر ما ستؤول إليه الأمور في غزة، لأن الجميع بات على قناعة بأن حزب الله لن يوقف القتال حتى تتوقف الحرب على غزة، بمن في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وحتى إسرائيل نفسها. وتشير الوثيقة إلى أن الدبلوماسي الفرنسي كرّر التبريرات حول سبب «تأجيل مُؤتمر باريس لدعم الجيش بعدم وجود أي التزام عملي من قبل الشركاء الدوليين أو العرب، وأن الجميع ينتظر ماذا سيحصل في غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وانعكاس ذلك على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان».
لكن ماذا عن تصوّر فرنسا لدورها في الجنوب في حال حصول اتفاق على وقف إطلاق النار؟ وماذا عن احتمال تعزيز باريس لحجم مشاركتها في اليونيفل؟
تنقل الوثيقة عن الدبلوماسي الفرنسي تأكيده أن «هناك التزاماً فرنسياً بدعم لبنان والجيش في حال تم التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ولبنان، وسيكون هناك التزام على الصعيد الثنائي بين فرنسا ولبنان من خلال تعزيز محدود للوجود العسكري الفرنسي في جنوب لبنان، ولكن حتى الآن لا شيء محدداً في هذا الإطار، وسيناريو تعزيز المُشاركة الفرنسية العسكرية في جنوب لبنان يبقى حتى الآن مُجرد أفكار مطروحة في وزارة الخارجية الفرنسية ولا شيء نهائياً». وأضاف أنه «يتم التداول أيضاً في إمكانية تأمين الدعم للجيش عبر الاتحاد الأوروبي من خلال برامج مُحددة، مثل برنامج تسهيلات أوروبية من أجل السلام Favilie Europeenne Pour la raix ، وهو برنامج هدفه تحسين القدرة على منع النزاعات وتوطيد السلام وتعزيز الأمن الدولي».

باريس وواشنطن: لا تتوقّعوا مزيداً من الأموال... لأن أوكرانيا أخذت كلّ شيء

وكما أشار الأميركيون في الوثيقة الأولى إلى تأثيرات حرب أوكرانيا، قال الدبلوماسي الفرنسي لنظيره العربي حول برامج الدعم الأوروبي، إنه «يجب الانتباه إلى أن الجميع يعرف أن الهدف الرئيسي الذي يعمل عليه البرنامج يتعلق بأوكرانيا، إنما يمكن لفرنسا أن تُمارس دوراً لتخصيص بعض التمويل للبنان. ويمكن أن يموّل الاتحاد الأوروبي أيضاً العمليات التشغيلية ذات الانعكاسات العسكرية أو في مجال الدفاع عن إطار السياسة الخارجية والأمن المجتمعي».
ومرة جديدة، تظهر فرنسا عجزها أو بخلها (لا فرق) من خلال رمي كرة المساعدات في ملعب الآخرين، إذ تكشف الوثيقة نفسها أن الدبلوماسي الفرنسي يرتاح في الحديث عن دور الآخرين، وهو قال إنه «سيجري العمل على تفعيل برنامج بعثة تدريب الاتحاد الأوروبي European Union Training Mission (EUTM) لتخصيص لبنان ببعض الموارد، إذ إن البرنامج يمنح الاتحاد الأوروبي دوراً قيادياً في عمليات حفظ السلام ومنع الصراعات وتعزيز الأمن الدولي. وهو يشكل جزءاً لا يتجزأ من التوجه الشامل الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمات».

ورقة فرنسية جديدة: لبنان طلب 12 تعديلاً جوهرياً

تطورات عدّة طرأت على المساعي الخارجية حول وضع الجبهة الجنوبية مع العدو الإسرائيلي، أبرزها انتهاء لبنان أمس من تحضير الرد على ورقة المقترحات الفرنسية التي ناقش وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه تفاصيلها مع المسؤولين اللبنانيين في زيارته الأخيرة نهاية الشهر الماضي.
وعلمت «الأخبار» أن السلطات الفرنسية أبلغت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن باريس «استمعت شفهياً إلى ملاحظات لبنانية سلبية على الورقة، وتعمل وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الدفاع والاستخبارات الخارجية على إدخال تعديلات». وبحسب مصدر حكومي بارز، «أعدّت فرنسا ورقة جديدة في الأيام القليلة الماضية وسلّمت نسخة منها إلى رئيس الحكومة».
وبحسب المصادر، فإن الجديد في الأمر تمثّل في إيفاد الإدارة الأميركية الموفد الأميركي عاموس هوكشتين إلى باريس لوضع آلية للتنسيق بين البلدين من أجل منع أي تضارب في المساعي القائمة مع لبنان، وحزب الله على وجه الخصوص. وأوضحت أن «الجميع يتصرف على أن القرار بيد الأميركيين، لكنّ واشنطن تريد إشراك فرنسا في مرحلة ما، لأنها تحتاج إليها في ملفات إضافية في لبنان». وجزمت المصادر بأن هوكشتين قال مجدداً إنه بمجرد إعلان التزام إسرائيل وحركة حماس باتفاق علني لوقف إطلاق النار، والتزام حزب الله بالتهدئة في الجنوب، سيسافر فوراً إلى بيروت وتل أبيب لإنجاز «ترتيبات تضمن استدامة وقف إطلاق النار على الحدود بين البلدين»، وهو «يأمل في التوصل إلى صيغة تمنع استئناف المواجهة في حال حصل أي تطور سلبي في غزة».
وكانت باريس قدّمت ورقة تضمّنت حلاً على ثلاث مراحل، يبدأ بوقف العمليات العسكرية وإعادة النازحين اللبنانيين والإسرائيليين، وإطلاق مسار تفاوضي يستنسخ «تفاهم نيسان 1996»، وذلك لـ«تثبيت الاستقرار على ضفتي الحدود» بشكل كامل ونهائي.
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سلّم السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو ورقة ملاحظات على الطرح الفرنسي تضمّنت حوالي 12 ملاحظة، تنطلق أساساً من أن البحث يدور حول تطبيق القرار 1701 وليس حول قرار جديد، وبالتالي ليس هناك اتفاق يمكن أن يحل محل هذا القرار، إضافة إلى الاعتراض على ما سُمي «إعادة تموضع لقوات حزب الله في الجنوب».
وتركّز ملاحظات لبنان على أنه لا يمكن إدخال تعديلات أو فرض تعديلات بالقوة على نص القرار 1701، وأن لبنان لن يقبل بإطلاق يد القوات الدولية للقيام بتحركات من دون رقابة مسبقة أو مشاركة الجيش في أي منطقة في الجنوب، كما يرفض تماماً الحديث عن مجموعات مسلحة وعن انسحاب قوات الرضوان أو غيرها من الجنوب، وكل ما يريده هو التطبيق الكامل للقرار 1701، وضمان التزام إسرائيل بكامل بنوده لجهة الانسحاب من جميع الأراضي المحتلة وعدم القيام بأي نوع من الخروقات. ولفتت الملاحظات إلى أن القرار الدولي يطرح أصلاً انتشاراً للجيش اللبناني في الجنوب، لكنّ الحكومة اللبنانية هي الجهة المسؤولة عن الجيش وعن خطة إعادة انتشاره جنوباً وعن طبيعة المهام المكلّف بها.

لبنان لن يقبل بإطلاق يد القوات الدولية للقيام بتحركات من دون رقابة مسبقة أو مشاركة الجيش

وقالت مصادر مطّلعة إن حزب الله رفض التحدث أمام ضيوفه من الدبلوماسيين الأجانب عن الورقة الفرنسية أو غيرها، وأبلغ الجهات الرسمية في لبنان أنه غير معنيّ بأي نقاش لأي فكرة من أي جهة أتت، حتى يتوقف العدوان على غزة، وبعدها، فإن الحزب مستعد لمناقشة أي أمر في إطار تحصين السيادة اللبنانية لا في إطار تعزيز أمن العدو على حساب لبنان. وأوضحت المصادر أن المسؤولين في حزب الله لفتوا انتباه المسؤولين اللبنانيين وبعض الأجانب إلى أنه لا يمكن إدارة الملف بناءً على اعتقاد بأن لبنان أمام أزمة، بل إن العدو هو الذي يواجه مأزقاً، والحل يكون من خلال توفير ضمانات عملية للبنان لناحية إزالة كل أنواع الخروقات البرية القائمة، والتعهد الواضح والالتزام الجدي والموثوق بوقف كل أنواع الخروقات الجوية والبحرية.
وبحسب مسؤول رسمي لبناني، فإن المداولات القائمة انتهت إلى اتفاق على إبلاغ جميع الوسطاء بأنه طالما أن العدو يواصل خرقه السيادة اللبنانية براً أو جواً أو بحراً، لا يجب توقع أي خطوة من جانب لبنان.
وأشار المسؤول إلى أن مشكلة النقاش مع الجهات الدولية تنطلق من كون هذه العواصم تحاول توفير ضمانات لإرضاء العدو، مشيراً إلى أن «الواقعية السياسية تحتّم على المسؤولين اللبنانيين التعامل مع الجهة التي يمكنها ممارسة ضغط على إسرائيل لانتزاع تنازلات منها، وهو ما يجعل الوجهة واشنطن، وبالتالي لا يجب تضييع الوقت مع الجانب الفرنسي أو أي جهة أوروبية تظهر المداولات أنها تعمل فقط لإرضاء إسرائيل على حساب لبنان».
ديوان المحاسبة يكشف تواطؤاً بين حاملي الرخص وموظفين في المالية: 10 ملايين طابع من مطبعة الجيش إلى السوق السوداء

ندى أيوب - الأخبار

بالتزامن مع الانهيار المالي أواخر عام 2019، عجزت وزارة المالية عن تلبية حاجة السوق من الطوابع الورقية لعدم توفّر الاعتمادات، ما فتح الباب أمام المتاجرة بها في السوق السوداء حيث بيعت بأضعاف أسعارها استغلالاً لأصحاب المعاملات الذين وضعوا بين خيارَين: إما الدفع أو تعطيل أعمالهم.عام 2020، أرسلت وزارة المالية إلى الغرفة الرابعة في ديوان المحاسبة (برئاسة القاضية نيللي أبي يونس ومساعدة المستشارتين نجوى الخوري ورانية اللقيس) لنيل موافقته المسبقة على مناقصة لطباعة 160 مليون طابع رست على شركة «اديت إنك»، بسعر 50 ليرة للطابع الواحد. غير أن الديوان لم يعط الموافقة بسبب الكلفة العالية مقارنة بما كان سائداً (11 ليرة للطابع)، واقترح على وزارة المالية الطلب من مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش التقدّم بعرض لطباعة الطوابع، وبالفعل تم الاتفاق مع المديرية على طباعة 20 مليون طابع بكلفة 18 ليرة للطابع. لاحقاً، عُقد اتفاق جديد لإنجاز 100 مليون طابع بسعر 36 ليرة للطابع مع ارتفاع سعر صرف الدولار، لتصبح حصيلة الطوابع التي أنجزها الجيش 120 مليوناً.
عام 2023، وصل إلى الديوان اتفاق رضائي جديد بين وزارة المالية والمؤسسة العسكرية لطباعة 50 مليون طابع بقيمة 293 ليرة للطابع، أُنجز منها حتى الآن 20 مليوناً طرحت في السوق، قبل أن يتبيّن لوزارة المالية وجود نحو 10 ملايين طابع إضافية في السوق تحيط بها شبهات، فسحبتها إلى مخازنها، وراجعت وزارة الدفاع بشأنها. وفتحت الأخيرة تحقيقاً توصّل إلى أنّ «عيباً يشوب تلك الطوابع (عددها 10 ملايين) وكانت معدّة للتلف، قبل أن يسرّبها إلى السوق عسكري تمت معاقبته»، وفق تقرير أعدّه الديوان واطّلعت عليه «الأخبار»، مشيراً إلى أنه «لا يملك تفاصيل التحقيق، لكن القضية محل تحقيق بموجب ملف قضائي مفتوح لدى الديوان».
ولفت التقرير إلى أنه أثناء متابعة الملف، تبيّن أن «مردود وزارة المالية من الطوابع بلغ في الأعوام الأربعة السابقة حوالي مليون و800 ألف دولار سنوياً كمعدّل وسطي، بينما تخطاه حجم السوق السوداء بمردود بلغ بالحد الأدنى 20 مليون دولار سنوياً مسجلاً أرباحاً خيالية».
هذه السرقة الموصوفة دفعت إلى التدقيق في رخص بيع الطوابع الممنوحة من «المالية»، فـ«تبيّن وجود حوالي 1340 حامل رخصة، طلب الديوان إلغاء 1000 منها بعضها غير ناشط، والجزء الأكبر منها يخالف حاملوها القانون»، مشيراً إلى أنّ «معظم بائعي الطوابع مكتومون ضريبياً، فلا أرقام مالية لهم، ولا يصرّحون عن ضريبتهم رغم ما جنوه من أرباح طائلة». وأكّد الديوان أنّ «الدولة تستطيع استيفاء الضرائب منهم بمفعول رجعي يصل إلى ست سنوات». وبالتوازي، طلب من وزارة المالية «القيام بواجبها القانوني في التأكّد من أن الشروط التي على أساسها حصل المرخصون على رخصهم لا تزال متوفّرة، بما أنّ الرخصة لا تاريخ لانتهاء صلاحيتها». ووفق التقرير، «لم يستجب موظفو دائرة الضرائب غير المباشرة في الوزارة لطلبات الديوان المتكررة في هذا الصدد منذ أربع سنوات. رغم إصدار مدير الخزينة إسكندر حلاق تدبيراً يفرض على المرخّصين تجديد مستنداتهم نهاية كل عام». ولفت إلى أنّ فرع المعلومات صادر 35 ألف طابع تعود إلى 17 مرخّصاً، لكنها تباع عن طريق أشخاص غير مرخصين وبأسعار تتخطى سعرها الحقيقي. وأشار إلى أن حاملي الرخص «حلّوا مكان وزارة المالية في تنظيم وكالات لغيرهم لدى الكتّاب العدل من دون علم المالية». كما طلب الديوان إلغاء كل الوكالات بما فيها تلك التي يورث فيها الآباء الرخصة لأبنائهم.

عائدات الخزينة من الطوابع 1,8 مليون دولار سنوياً مقابل 20 مليوناً للسوق السوداء

واتضح وفق التقرير أنّ «الموظفين بمعظمهم لا يقومون بالمطلوب منهم لضبط أزمة الطوابع. إذ لا يوجد سجلّ يدوي تقيّد فيه حركة الطوابع اليومية لجهة البيع والتسلّم والتسليم. كما تغيب الجردات السنوية ونصف السنوية، ما يصعّب إمكانية كشف حجم التلاعب والمتلاعبين». لذلك، طلب الديوان، الاستعاضة عن الطوابع بتوزيع آلات الوسم الموجودة في المالية كواحد من إجراءات حلّ الأزمة، مشيراً إلى توزيع 18 آلة فقط، فيما لا تزال هناك 86 أخرى يمكن للمالية أن تستفيد منها.
وأوضح التقرير أنّه في شهر أيلول 2022، بلغ مخزون المالية من الطوابع حوالي مليون و400 ألف طابع، في حين أنّ ما يتطلّبه السوق شهرياً هو 5 ملايين طابع. لذلك، ارتأت مديرية الخزينة في الوزارة تنظيم جداول توزيع الطوابع، وحددت كوتا شهرية تبلغ أربعة آلاف طابع لكل حامل رخصة، «الا أن الموظفين لم يلتزموا بجداول التوزيع في جميع المحتسبيات في الأقضية كافة، إذ سلّموا المرخّصين كميات أكبر بكثير من المسموح به. وهذا التوزيع الزائد نتيجة منفعة مشتركة بين الموظفين والمرخصين الذين احتكروا الطوابع وباعوها بأسعارٍ مرتفعة».
وكشف أنّ الموظفين في المحتسبيات «لا يلتزمون بتسجيل الأرقام التسلسلية لكل فئة من الطوابع خلافاً للقانون، مع العلم أن لتلك الأرقام أهمية كبرى لمعرفة أيّ محتسب تسلّمها وإلى أيّ مرخّص أعطاها، ويمكّن ذلك تحديد المسؤوليات عند وقوع أيّ إشكال في شأنها».
ومعلوم أن الدفع بواسطة الطابع الورقي ملزم للمبالغ دون الـ 500 ألف، أما المبالغ التي تتخطى هذا السقف، فيمكن تسديدها من خلال الدفع النقدي ووسم المعاملة، أو الدفع عبر شركات تحويل الأموال، حيث يملأ صاحب المعاملة نموذج «ص 14» لإثبات أنّ عملية الدفع تمّت. ولتقليل استخدام الطوابع المالية الى الحدّ الأدنى، طلب الديوان تفعيل العمل بإشعار التسديد «ص 14» من خلال إلغاء شرط توفر رقم مالي لصاحب المعاملة، إفساحاً في المجال لمن ليس لديهم رقم مالي ونشاط تجاري للتسديد عبر هذا الإشعار، إلا أن مدير الواردات في المالية رفض الأمر.
ووفق القاضية أبي يونس، فإنّ الحل «بسيط، وهو الامتناع عن منح أيّ رخصة جديدة لبيع الطوابع الورقية. وبالتوازي إعداد دفتر شروط لتلزيم الطابع الإلكتروني باعتباره السبيل الوحيد لضبط السوق السوداء».

الناشر

Mirian Mina
Mirian Mina

shadow

أخبار ذات صلة